العظام هي الركيزة التي يقف عليها الجسد،هي التي تمنحنا الحركة، والثبات، والقدرة على الوقوف في وجه الحياة ،لكن هناك عدوًّا خفيًّا يتسلّل بصمت، لا يُحدث ألمًا في البداية،لكنه يضعف العظام يومًا بعد يوم حتى تنكسر لأبسط سبب…
إنه مرض هشاشة العظام ، المرض الذي لا يُرى بالعين، لكنه يترك أثرًا في كل خطوة وحركة.
إنه مرض هشاشة العظام ، المرض الذي لا يُرى بالعين، لكنه يترك أثرًا في كل خطوة وحركة.
هشاشة العظام: المرض الصامت الذي يسرق القوة من داخلنا
ما هي هشاشة العظام؟
هشاشة العظام (Osteoporosis) هي حالة تقلّ فيها كثافة العظام تدريجيًا، فتصبح المسافات داخلها أكبر، تمامًا مثل إسفنجة ضعيفة ،ومع الوقت تبدأ العظام في فقدان صلابتها، حتى يمكن أن تنكسر من حركة بسيطة أو سقوط خفيف.
الخطير في هذا المرض أنه لا يسبب ألمًا في البداية، فقد يعيش الشخص سنوات دون أن يشعر بأي شيء، إلى أن تحدث أول (صدمة) كسر في الفخذ أو العمود الفقري ،لتكشف أن العظام كانت تضعف بصمت منذ زمن.
من الأكثر عرضة للإصابة؟
رغم أن هشاشة العظام يمكن أن تصيب أي إنسان،إلا أن هناك فئات تكون أكثر عرضة، منها:
- النساء بعد سن الأربعين (خاصة بعد انقطاع الطمث)، بسبب انخفاض هرمون الإستروجين.
- العمر: مع التقدم في السن، يتباطأ تجدد خلايا العظام،فتبدأ في فقدان الكثافة والمرونة تدريجيًا.
- الهرمونات:عند النساء، يؤدي انخفاض هرمون الإستروجين بعد سن اليأس إلى تسارع فقدان العظام ، أما عند الرجال، فإن انخفاض هرمون التستوستيرون مع العمر قد يسبب نفس المشكلة.
- نقص الكالسيوم وفيتامين D : الكالسيوم هو لبنة العظام،وفيتامين D هو “المفتاح” الذي يسمح للجسم بامتصاصه بدون أحدهما، تفقد العظام غذاءها الأساسي.
- الخمول وقلة الحركة: العظام مثل العضلات — إن لم تُستخدم تضعف ، الرياضة تحفز الخلايا على بناء عظم جديد وتحافظ على توازنه وكثافته.
- العادات السيئة:التدخين، والإفراط في القهوة والمشروبات الغازية، والكحول كلها تسرّع من فقدان الكالسيوم في الجسم.
- الأدوية الطويلة الأمد: بعض الأدوية مثل الكورتيزون والمهدئات ومضادات التشنجات
- قد تضعف العظام مع الوقت إذا لم تُستخدم تحت إشراف طبي.
الأعراض التي قد تشير لهشاشة العظام
رغم أنه مرض صامت، إلا أن الجسم يرسل إشارات خفية مع الوقت:
- ألم في الظهر أو الرقبة بسبب كسور صغيرة في الفقرات.
- انحناء تدريجي في العمود الفقري.
- قصر القامة مع التقدم في العمر.
- كسر سريع في العظام بعد سقوط بسيط.
هذه العلامات ليست مجرد “تعب سن”، بل إنذار بأن العظام بدأت تضعف من الداخل.
أسباب هشاشة العظام
- التقدم في العمر: تقل قدرة الجسم على بناء أنسجة عظمية جديدة.
- نقص الكالسيوم وفيتامين D: وهما أساس بناء العظام.
- قلة الحركة: فالرياضة تحفّز الخلايا العظمية على التجدد.
- العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي يزيد من خطر الإصابة.
- العادات الغذائية الخاطئة مثل الإفراط في الكافيين والمشروبات الغازية.
- الاضطرابات الهرمونية خاصة لدى النساء.
كيف نحمي عظامنا من الهشاشة؟
الوقاية تبدأ من اليوم، لا من الشيخوخة ، فالعظام “تدّخر قوتها” منذ الشباب لما بعد الأربعين.إليك خطوات بسيطة لكنها فعّالة:
- تناول الكالسيوم يوميًا من الحليب، الجبن، الزبادي، السردين، واللوز.
- تعرّض لأشعة الشمس من 10 إلى 15 دقيقة يوميًا لتحفيز فيتامين D.
- مارس المشي ورياضة حمل الأوزان الخفيفة، فهي تقوي العظام.
- ابتعد عن التدخين والكحول.
- حافظ على توازنك النفسي، لأن التوتر يؤثر على الهرمونات المسؤولة عن صحة العظام.
- نم جيدًا، فالعظام تتجدد أثناء النوم.
- حقائق قد لا تعرفها عن هشاشة العظام.
- النساء يفقدن حوالي 20٪ من كتلة عظامهن خلال أول 5 سنوات بعد انقطاع الطمث.
- فيتامين D لا يأتي فقط من الشمس، بل يمكن الحصول عليه من صفار البيض وزيت السمك.
- العظام تتجدد كل 10 سنوات تقريبًا، أي أن هيكلك العظمي يتغير تمامًا عدة مرات في حياتك!
العلاج: كيف نستعيد قوة العظام؟
العلاج يهدف إلى إبطاء فقدان العظام وزيادة كثافتها من جديد، ويعتمد على ثلاث ركائز:
التغذية السليمة:الطعام هو الدواء الأول للعظام.
- اهتمي بالأطعمة التالية: الحليب، الزبادي، الجبن ، مصادر ممتازة للكالسيوم.
- السردين والسلمون — غنيان بفيتامين D وأوميغا-3.
- البروكلي والسبانخ — تمنح العظام المعادن الضرورية.
- اللوز والسمسم — مصدر نباتي رائع للكالسيوم والمغنيسيوم.
نصيحة: تجنبي المشروبات الغازية والكافيين الزائد لأنها تسحب الكالسيوم من العظام.
العلاج الدوائي:الأطباء يصفون عدة أنواع من الأدوية حسب الحالة، منها:
- البيسفوسفونات (Bisphosphonates): تقلل فقدان العظام وتزيد قوتها.
- الكالسيتونين: هرمون يساعد في موازنة الكالسيوم داخل الجسم.
- العلاج الهرموني للنساء بعد سن اليأس (تحت إشراف طبي صارم).
- حقن الدينوسوماب (Denosumab): تقلل تكسير العظام وتُستخدم للحالات المتقدمة.
- فيتامين D والكالسيوم كمكملات أساسية بجانب الأدوية.
التمارين الرياضية:
الرياضة تُعتبر علاجًا طبيعيًا للعظام ، فالمشي السريع، وتمارين المقاومة، واليوغا كلها تساعد في:
- تحفيز بناء العظام.
- تحسين التوازن ومنع السقوط.
- تقوية العضلات التي تحمي الهيكل العظمي.
- ⚡ 30 دقيقة من المشي يوميًا = حماية حقيقية من الهشاشة.
العلاقة بين الشمس والعظام
- الشمس ليست مجرد دفء، بل هي مصدر الحياة للعظام.
- أشعة الشمس الصباحية (من 8 إلى 10 صباحًا).
- تحفز الجلد على إنتاج فيتامين D الذي يمكّن الجسم من امتصاص الكالسيوم.
- حتى 15 دقيقة يوميًا من التعرض للشمس يمكن أن تقلل خطر الهشاشة بنسبة 40٪!
العظام والمزاج النفسي
الأبحاث الحديثة أثبتت أن الضغط النفسي المزمن يضعف العظام،لأنه يرفع هرمون الكورتيزول في الدم، وهو الهرمون الذي يسرّع من تآكل العظام ، لهذا، الاسترخاء، والضحك، والنوم الجيد ليست ترفًا — بل هي دواء خفي للعظام.
مفاهيم خاطئة عن هشاشة العظام
- “هي مرض يصيب النساء فقط” — الحقيقة: الرجال أيضًا عرضة بعد الخمسين.
- “اللبن وحده كافٍ للوقاية” — الوقاية تحتاج لتغذية متكاملة، شمس، وحركة.
- “لا يمكن الشفاء منها” — يمكن السيطرة عليها تمامًا بالعلاج المنتظم.
الوقاية تبدأ من اليوم لتحافظي على عظام قوية مدى الحياة:
- اجعلي الحليب والخضار جزءًا من يومك.
- لا تهملي التعرض للشمس.
- تحركي باستمرار — حتى المشي داخل المنزل مفيد.
- تابعي فحوصات العظام كل عام بعد سن الأربعين.
- احمي نفسك من السقوط، خصوصًا في البيت، بترتيب المساحات جيدًا.
💖 الخلاصة
هشاشة العظام ليست مجرد نقص في الكالسيوم،بل نقص في الاهتمام بالجسد الذي يحملنا كل يوم ، إنها تذكير بأن القوة لا تُقاس بالعضلات فقط، بل بالعظام التي تمنحنا القدرة على الحركة، الثبات، والحياة.
“اهتم بعظامك اليوم،لتقف شامخًا غدًا دون ألم أو انحناء.” فالقوة الحقيقية ليست في العضلات، بل في العظام التي تحملها.