تُعد السكتة القلبية من أخطر الحالات الطبية الطارئة وأكثرها تسببًا في الوفيات حول العالم ، فهي قد تحدث فجأة دون إنذار، وغالبًا ما تكون النتيجة الحتمية لمشكلات قلبية مزمنة لم تُكتشف أو لم تُعالج بالشكل الكافي.
 |
| السكتة القلبية المفاجئة: كيف يمكن تجنّبها قبل فوات الأوان؟ |
الوقاية من السكتات القلبية: ما الذي يقوله الأطباء اليوم؟
ويؤكد الأطباء اليوم أن الوقاية من السكتة القلبية أفضل علاج لها، لأن أغلب أسبابها يمكن التحكم بها أو الحد منها بتغيير نمط الحياة والعناية المنتظمة بصحة القلب.
تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن واحدًا من كل أربعة أشخاص تقريبًا يموت بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، وأن السكتة القلبية المفاجئة تمثل نسبة كبيرة من هذه الوفيات.
لكن الجانب الإيجابي هو أن أكثر من 80٪ من حالات السكتة القلبية يمكن الوقاية منها إذا تم الاهتمام بعوامل الخطورة مبكرًا.
ما هي السكتة القلبية؟
السكتة القلبية (Cardiac Arrest) تختلف عن النوبة القلبية (Heart Attack)، رغم أن كثيرين يخلطون بينهما.
- فالسكتة القلبية هي توقف مفاجئ لوظيفة القلب، مما يؤدي إلى توقف تدفق الدم إلى الدماغ وبقية الأعضاء الحيوية.
- أما النوبة القلبية فهي انسداد في أحد شرايين القلب التاجية يعيق وصول الدم إلى جزء من عضلة القلب.
في بعض الحالات، تؤدي النوبة القلبية إلى السكتة القلبية إذا لم تُعالج بسرعة ، وفي غضون دقائق من توقف القلب، يفقد المريض الوعي والتنفس، وقد تحدث الوفاة إذا لم يتم التدخل الفوري بالإنعاش القلبي الرئوي (CPR).
الأسباب والعوامل المؤدية إلى السكتة القلبية
تحدث السكتة القلبية بسبب اضطرابات في النظام الكهربائي للقلب تؤدي إلى خلل في نبضاته.
لكن هناك عوامل متعددة تزيد من احتمالية حدوثها، منها:
- أمراض القلب والشرايين
- مرض الشريان التاجي (انسداد أو تضيق الشرايين المغذية للقلب).
- النوبات القلبية السابقة.
- اعتلال عضلة القلب (ضعف أو تضخم عضلة القلب).
- اضطرابات نظم القلب (مثل الرجفان البطيني).
- ارتفاع ضغط الدم المزمن : يؤدي إلى إجهاد القلب وتلف الشرايين بمرور الوقت، مما يمهد لحدوث السكتة القلبية.
- ارتفاع الكولسترول : يزيد من تراكم الدهون داخل الشرايين (تصلب الشرايين)، ويقلل تدفق الدم إلى القلب.
- التدخين: يُعتبر من أخطر العوامل على الإطلاق، إذ يسبب تلف الأوعية الدموية ويزيد من تخثر الدم.
- مرض السكري: يُضعف الأوعية الدموية ويزيد خطر ترسّب الدهون في الشرايين.
- قلة النشاط البدني والسمنة: كلاهما يؤدي إلى زيادة ضغط الدم وارتفاع الكولسترول وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
- التوتر النفسي وقلة النوم: العوامل النفسية المزمنة ترفع هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين، مما يؤثر على صحة القلب على المدى الطويل.
العلامات التحذيرية قبل السكتة القلبية
كثير من المرضى يُظهرون إشارات إنذار مبكرة قبل حدوث السكتة القلبية بأيام أو أسابيع، منها:
- ألم أو ضغط في الصدر (قد يمتد إلى الذراع أو الفك).
- ضيق في التنفس أثناء المجهود أو حتى أثناء الراحة.
- خفقان القلب السريع أو غير المنتظم.
- دوخة أو إغماء متكرر.
- تعب غير مبرر أو ضعف عام.
- تعرّق بارد أو غثيان مفاجئ.
الانتباه لهذه العلامات واستشارة الطبيب فورًا يمكن أن ينقذ الحياة قبل وقوع السكتة.
تشخيص خطر السكتة القلبية
يقوم الأطباء بعدة فحوص لتقييم صحة القلب وتحديد مدى الخطر، وأهمها:
- تخطيط القلب الكهربائي (ECG):لقياس النشاط الكهربائي للقلب.
- تخطيط صدى القلب (Echocardiogram):لتقييم قوة عضلة القلب وصماماتها.
- اختبار الجهد (Stress Test):لمعرفة كيفية استجابة القلب للمجهود.
- تحليل الدهون والسكر في الدم:لتقييم عوامل الخطورة.
- تصوير الشرايين التاجية (Coronary Angiography):لتحديد أماكن الانسداد أو التضيق.
الوقاية من السكتة القلبية – توصيات الأطباء اليوم
أكدت الدراسات الحديثة أن نمط الحياة الصحي هو العامل الأكثر أهمية في الوقاية من أمراض القلب والسكتات القلبية.
وفيما يلي أحدث ما يوصي به الأطباء والخبراء:
التغذية الصحية أساس الوقاية
- تناول نظام غذائي غني بالخضروات والفواكه والحبوب الكاملة.
- اختيار البروتينات الصحية مثل الأسماك، الدجاج، والبقوليات.
- تقليل الدهون المشبعة (الزبدة، المقالي، اللحوم الدهنية).
- الابتعاد عن الأطعمة المصنعة والمملحة.
- الاعتماد على زيت الزيتون كمصدر رئيسي للدهون الصحية.
النظام المتوسطي الغذائي (Mediterranean Diet) هو من أكثر الأنظمة التي أوصى بها الأطباء لحماية القلب، لأنه يعتمد على الخضروات، الحبوب الكاملة، زيت الزيتون، والمكسرات.
النشاط البدني المنتظم
الرياضة تقوّي عضلة القلب وتحافظ على مرونة الشرايين.
يوصي الأطباء بـ:
- 150 دقيقة أسبوعيًا من النشاط المعتدل مثل المشي السريع أو السباحة.
- أو 75 دقيقة من النشاط المكثف مثل الجري أو ركوب الدراجة.
- كما أن تمارين التنفس العميق واليوغا تساعد في تقليل التوتر وتحسين ضغط الدم.
الإقلاع عن التدخين فورًا
كل سيجارة تقلل من تدفق الأكسجين إلى القلب وتُسرّع من تصلب الشرايين ، الإقلاع عن التدخين يقلل خطر السكتة القلبية بنسبة 50% خلال سنة واحدة فقط.
الحفاظ على وزن صحي
السمنة تزيد خطر ارتفاع ضغط الدم والكولسترول والسكري، وهي عوامل مباشرة للسكتة القلبية ، ينصح الأطباء بتقليل السعرات الحرارية ومراقبة مؤشر كتلة الجسم (BMI) بحيث يبقى بين 18.5 – 24.9.
ضبط ضغط الدم ومستوى السكر والكولسترول
- قياس ضغط الدم بانتظام (يُفضل أن يكون أقل من 120/80 مم زئبق).
- الحفاظ على مستوى السكر التراكمي (HbA1c) أقل من 6.5%.
- مراقبة الكولسترول الكلي بحيث لا يتجاوز 200 ملغ/ديسيلتر.
- تناول الأدوية الموصوفة من الطبيب بانتظام دون إهمال.
النوم الكافي وتقليل التوتر
قلة النوم المزمنة ترفع خطر أمراض القلب بنسبة تصل إلى 40%.
ينصح الخبراء بالنوم من 7 إلى 8 ساعات يوميًا، مع ممارسة التأمل أو التنفس العميق لتخفيف الضغط العصبي.
الاعتدال في تناول الكافيين والكحول
الإفراط في الكافيين قد يسبب اضطرابات في نبض القلب،والكحول يضعف عضلة القلب ويزيد ضغط الدم لذا، ينصح الأطباء بالاعتدال أو الامتناع التام عن هذه المواد
المتابعة الطبية المنتظمة
إجراء فحوصات دورية يساعد على اكتشاف أي مشكلة قبل أن تتطور.
ينصح بإجراء:
- فحص قلب سنوي بعد سن الأربعين.
- تخطيط قلب وفحص دهون وسكر كل 6 أشهر لمن لديهم تاريخ عائلي أو عوامل خطر.
الإسعاف الفوري في حال حدوث السكتة القلبية
السكتة القلبية حالة طارئة تتطلب تدخلًا فوريًا خلال دقائق.
الإجراءات الصحيحة يمكن أن تنقذ حياة المصاب:
- التحقق من الوعي والتنفس.
- الاتصال بالإسعاف فورًا.
- البدء بالإنعاش القلبي الرئوي (CPR):
- الضغط على منتصف الصدر بسرعة 100–120 مرة في الدقيقة.
- استخدام جهاز الصدمات الكهربائية الآلي (AED) إذا كان متوفرًا.
كل دقيقة تأخير في بدء الإنعاش تقلل فرص النجاة بنسبة 10%.
أحدث ما توصل إليه الطب في الوقاية والعلاج
التطور الطبي في السنوات الأخيرة قدّم وسائل دقيقة لمتابعة صحة القلب والوقاية من السكتة، منها:
- الأجهزة الذكية (مثل الساعات التي تراقب نبض القلب وتنبه عند وجود اضطرابات).
- أدوية جديدة تعمل على خفض الكولسترول بشكل فعّال مثل مثبطات PCSK9.
- القسطرة التداخلية لإزالة انسدادات الشرايين قبل أن تسبب أزمة.
- الذكاء الاصطناعي في تحليل تخطيط القلب والتنبؤ بالخطر مبكرًا.
هذه التقنيات تمكّن الأطباء اليوم من منع حدوث السكتة قبل وقوعها.
الوعي المجتمعي ودوره في الوقاية
الوقاية ليست مسؤولية الفرد فقط، بل هي ثقافة مجتمعية يجب ترسيخها عبر التثقيف الصحي في المدارس ووسائل الإعلام ، فكل شخص يجب أن يعرف كيفية قياس نبضه وضغطه، والتصرف السليم في الطوارئ، والالتزام بنمط حياة صحي.
الخاتمة
السكتة القلبية لا تحدث فجأة كما يظن البعض، بل هي النتيجة النهائية لتراكم عوامل خطر يمكن تجنّبها وما يقوله الأطباء اليوم واضح:“احمِ قلبك اليوم لتنجو غدًا.”
فببعض الخطوات البسيطة — نظام غذائي صحي، نشاط بدني منتظم، الابتعاد عن التدخين، والنوم الكافي — يمكن تقليل خطر السكتة القلبية إلى أدنى حد.
القلب هو المحرك الرئيسي للحياة، والعناية به ليست خيارًا، بل ضرورة للبقاء بصحة وحيوية لسنوات طويلة.