"هذا رمد... يجب أن نذهب إلى الطبيب فورًا."
تكررت هذه القصة كثيرًا، مع الأطفال والكبار على حد سواء. فـ"الرمد" ليس مرضًا نادرًا، بل هو من أكثر أمراض العيون شيوعًا، ويصيب الملايين حول العالم سنويًا، في هذا المقال، سنأخذك في رحلة لفهم الرمد: أنواعه، أسبابه، أعراضه، وطرق الوقاية والعلاج.
الرمد: عندما تدمع العين.. وتنذر بالخطر
الرمد هو الاسم الشائع لالتهاب ملتحمة العين (Conjunctivitis)، وهي الغشاء الرقيق الشفاف الذي يغطي الجزء الأبيض من العين ويبطن الجفن من الداخل، عندما تلتهب هذه الملتحمة، تصبح الأوعية الدموية فيها أكثر وضوحًا، فتصبح العين حمراء، مصحوبة أحيانًا بحكة، دموع، أو إفرازات.
ورغم أن الرمد في كثير من حالاته بسيط ويُشفى تلقائيًا، إلا أن بعض أنواعه يمكن أن تكون شديدة أو حتى مُعدية وخطرة إذا لم تُعالج بالشكل المناسب.
أنواع الرمد
- الرمد الفيروسي :هو النوع الأكثر انتشارًا ، يحدث نتيجة عدوى فيروسية، وغالبًا ما يكون مصاحبًا لنزلات البرد أو الإنفلونزا ، شديد العدوى، وينتقل بسهولة بين أفراد العائلة أو في المدارس.
أعراضه:
- احمرار في عين واحدة (ثم قد تنتقل العدوى للعين الأخرى).
- دموع كثيرة.
- شعور بوجود جسم غريب في العين.
- أحيانًا تورم في الجفون والغدد الليمفاوية القريبة من الأذن.
- الرمد البكتيري : سببه بكتيريا مثل المكورات العنقودية أو العقدية ، ينتشر بسرعة أيضًا، خاصة باستخدام أدوات مشتركة (مثل المناشف).
أعراضه:
- إفرازات صفراء أو خضراء سميكة.
- التصاق الجفون عند الاستيقاظ.
- احمرار وألم في العين.
- تورم الجفون أحيانًا.
- الرمد التحسسي : لا يُعد مرضًا معديًا ،يحدث نتيجة تفاعل تحسسي تجاه الغبار، الدخان، حبوب اللقاح، أو شعر الحيوانات.
أعراضه:
- حكة شديدة في العين.
- احمرار ودموع.
- غالبًا يصيب العينين معًا.
- احتقان في الأنف أو عطاس في بعض الحالات.
- الرمد الصديدي (الرمد الحُبيبي) :نوع خطير من الرمد البكتيري، ينتج عنه إفرازات غزيرة وقد يؤدي إلى تلف في القرنية إذا لم يُعالج بسرعة ،يُعرف أيضًا بـ"الرمد المصري" عند البعض، خاصة في المناطق التي تنتشر فيها العدوى بشكل وبائي.
طرق العدوى والانتقال
خطر الرمد لا يكمن فقط في أعراضه، بل في سهولة انتقاله، وتشمل طرق انتقال العدوى:
- لمس العين المصابة ثم لمس شخص آخر.
- استخدام أدوات شخصية ملوثة (منشفة، وسادة، مكياج...).
- العطاس أو السعال القريب من الوجه (خاصة في الرمد الفيروسي).
- التواجد في أماكن مزدحمة أو غير نظيفة.
ولهذا، ينتشر الرمد بشكل سريع في المدارس، رياض الأطفال، المعسكرات، والسجون.
التشخيص
عادةً ما يعتمد الطبيب على الأعراض والفحص السريري لتشخيص الرمد، وفي بعض الحالات، قد يأخذ مسحة من إفرازات العين لتحديد نوع البكتيريا أو الفيروس المسبب.
العلاج
- الرمد الفيروسي :لا يحتاج إلى علاج خاص ،يشفى خلال 1–2 أسبوع ،يُنصح باستخدام الكمادات الباردة وقطرات ترطيب العين لتخفيف الأعراض ،يجب عزل المصاب وعدم مشاركة أدواته.
- الرمد البكتيري : يُعالج بالمضادات الحيوية على شكل قطرات أو مراهم ، يجب المواظبة على العلاج حتى نهايته، حتى لو تحسنت الأعراض.
- الرمد التحسسي ، يُعالج بمضادات الهيستامين الموضعية أو العامة ،يُنصح بتجنب مسببات التحسس (الغبار، الحيوانات...).
- الرمد الصديدي : يحتاج إلى تدخل طبي عاجل ،غالبًا ما يُعالج بمضادات حيوية قوية.
التأخير في العلاج قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على العين.
الوقاية: درعك الأول ضد الرمد
الوقاية خير من العلاج، خاصة في الأمراض المعدية مثل الرمد. إليك أهم طرق الوقاية:
- غسل اليدين بانتظام، خاصة قبل لمس الوجه أو العينين.
- عدم مشاركة الأدوات الشخصية مثل المناشف، الوسائد، أو أدوات المكياج.
- تنظيف العدسات اللاصقة بشكل جيد وتجنب ارتدائها أثناء الإصابة.
- تعليم الأطفال تجنّب لمس أعينهم بأيديهم.
- تعقيم الأسطح المشتركة في المدارس والمنازل.
- الابتعاد عن الأشخاص المصابين بالرمد، وعدم استخدام أدواتهم.
متى يجب زيارة الطبيب؟
قد يكون الرمد بسيطًا، لكن في بعض الحالات، يجب استشارة الطبيب فورًا، خصوصًا إذا:
- استمرت الأعراض لأكثر من أسبوع دون تحسن.
- كان هناك ألم شديد أو تأثر في الرؤية.
- كانت الإفرازات كثيفة وغزيرة.
- ظهرت أعراض أخرى مثل الحمى أو تورم الغدد.
معلومات سريعة
- هل الرمد معدٍ؟ الفيروسي والبكتيري معديان جدًا، أما التحسسي فغير معدٍ.
- هل يُصيب الرمد الكبار فقط؟ لا، بل هو شائع جدًا بين الأطفال.
- هل يمكن أن يُسبب العمى؟ في الحالات الشديدة أو المهملة (خاصة الرمد الصديدي)، قد يؤدي إلى مضاعفات في القرنية.
- هل يمكن للوقاية أن تحمي تمامًا؟ في كثير من الحالات نعم، خاصة بالنظافة الشخصية.
خاتمة
الرمد ليس مرضًا خطيرًا دائمًا، لكنه مزعج ومعدٍ ويتطلب وعيًا صحيًا جيدًا، فبنظافة اليدين، وتجنّب مشاركة الأدوات، والتصرف السليم عند ظهور الأعراض، يمكننا منع انتشاره وحماية أعيننا من مضاعفات غير مرغوبة.
فكما أن للعين مكانة كبيرة في أجسادنا، فلنحافظ عليها من كل ما يضرها، وننشر الوعي بين أطفالنا وأهلنا، حتى لا تتحول "احمرار العين" إلى مشكلة أكبر.